
عن المشروع
هذا المشروع هو تكريم لزملائنا وأصدقائنا الصحفيين الذين قتلوا في غزة. إن استهداف إسرائيل للإعلاميين خلال العدوان الحالي لم يسبق له مثيل في التاريخ. نقدم قصصهم لنتذكرهم.
يواجه الصحفيون في غزة مهمة المستحيل: البقاء على قيد الحياة اليومية مع نقص المأوى والطعام والاحتياجات الأساسية الأخرى، والقلق المستمر على أحبائهم، ومواجهة الدمار المستمر لكل ما يملكون بينما يعرضون حياتهم للخطر للقيام بعملهم.
وعلاوة على هذه الظروف التي لا تُحتمل، فإنهم يتحملون مسؤولية نقل إلحاح وتفاصيل وأبعاد الدمار الذي حلّ بهم، حيث يتعين عليهم أن يرووا ويعيدوا سرد خسارتهم الشخصية والجماعية للعالم.
عن المصور/ة:
بلال الهمص، خريج العلاج الطبيعي البالغ من العمر 23 عاماً من غزة وعضو في مجموعة "لا تحكى فلسطين". أمضى ثماني سنوات في صقل مهاراته في التصوير الفوتوغرافي. وقد تعمق في أساليب مختلفة، من التصوير التجاري إلى تصوير المناظر الطبيعية، ويركز حالياً على توثيق واقع الحرب في غزة. وعلى الرغم من تدمير الاستوديو الخاص به ومنزله من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، يواصل بلال تصوير المعاناة والتحديات التي تواجهها عائلته ومجتمعه في رفح، حيث هو نازح حالياً.
* * * * *

"والدي متوفى، وأمي هي كل ما تبقى لي في هذه الحياة. ولسوء الحظ، فهي تصارع مرض السرطان ولم تتلق العلاج منذ ستة أشهر.
قبل بداية الحرب، كنت مثل أي شاب يسعى لتحقيق حلمه ومستقبله. كنت قد أسست شركة متواضعة إلى جانب عملي الصحفي. ومع ذلك، جلبت الحرب خسائر فادحة. فالشركة التي عملت جاهدًا على بنائها دُمرت بالكامل، والمنزل الذي عشت فيه لسنوات اختفى في غمضة عين. أثناء نزوحي، فقدت العديد من المعدات والكاميرات أثناء عبوري نقاط التفتيش في جنوب قطاع غزة، مما أثر بشدة على قدرتي على العمل كصحفي.
لقد جلبت الحرب لحظات من الألم والصعوبة التي لا يمكن أن ننساها. أنا الآن أقيم في خيمة مؤقتة، بعد أن فقدت العديد من الزملاء والأصدقاء الأعزاء، بمن فيهم رفيقي وصديقي الصحفي حسونة سليم، الذي كان شخصًا رائعًا.
لا يوجد إنسان في العالم كله يستطيع تحمل ما يمر به الفلسطينيون في قطاع غزة."
فقد الصحفي محمد قيطه صديقه الصحفي حسونة سليم
* * * * *

"من أصعب اللحظات التي مررت بها عندما كنا على وشك تناول الإفطار في الخيمة، فقال لي صديقنا الصحفي مصطفى الثريا: "عدني أنك لن تبدأ إفطارك بدوني. سأعود بعد دقائق قليلة." لم يفعل ذلك أبدًا، فقد قُتل.
يبدأ يومي في الحرب بالوقوف في طابور في الصباح للحصول على الماء ثم التفكير في كيفية الحصول على الطعام الذي يصعب الحصول عليه. خلال الخمسين يومًا الأولى من الحرب، كنت منفصلاً عن زوجتي وبناتي الثلاث اللواتي نزحن إلى منطقة أخرى.
لقد فقدت ثمانية أصدقاء صحفيين، أقربهم إليّ كان سامر أبو دقة، مصور قناة الجزيرة، وهو أقربهم إلى قلبي بشكل خاص. خلال الخمسين يومًا الأولى من الحرب، كنا معًا لتغطية الأحداث في مستشفى ناصر. كان سامر متفائلًا جدًا بأنه سيرى زوجته وأطفاله في بلجيكا قريبًا، لكن الظروف كانت أكبر منه. لقد أمضى ست ساعات وحيدًا ينزف وينتظر سيارة الإسعاف. لكن عندما وصلت، كان سامر قد فارق الحياة. كان وجود سامر مطمئنًا دائمًا لأنه كان أحد المصورين الذين خدموا أطول فترة في الميدان".
الصحفي محمد باسم ضاهر (33 عاماً) فقد زميليه وصديقيه مصطفى الذريع وسامر أبو دقة
* * * * *

"كانت ولادة ابني الثاني أشرف من أصعب اللحظات التي عشتها خلال هذه الحرب رغم أنني كنت أتخيل أنها ستكون من أجمل لحظات حياتي. فقبل الحرب، كنت قد سافرت إلى تركيا للتحضير لقدومه، واشتريت الملابس والمستلزمات الضرورية. أما الآن فقد وُلد بعيدًا عن المنزل دون ملابس أو أي شيء يحتاجه الطفل.
أنا أب لطفلين ومتزوج منذ أربع سنوات. لقد دُمّر منزلنا مع كل ممتلكاتنا وذكرياتنا العزيزة. لقد فقدنا العديد من الزملاء والأصدقاء الأعزاء في هذه الحرب، لكن صديقي الصحفي العزيز محمد ياغي هو أكثر من أثّر فيّ غيابه. لقد كان محمد شخصًا مرحًا ومهنيًا ومحترفًا وأقبل على الحياة بكل جوارحه. كان أبًا لطفلة اسمها تشرين وكانت تعني له كل شيء. لقد فقدها في هذه الحرب، وقُتلت زوجته معه."
فقد الصحفي غازي العالول (28 عاماً) صديقه الصحفي محمد ياغي (28 عاماً)
* * * * *

"أصبحنا مشردين، ننام في الشارع. زوجتي وأطفالي في مكان، وأنا في مكان آخر.
يتمحور أحد شواغلي الأساسية كل يوم حول ضمان سلامة عائلتي وسط المخاطر المحتملة. لا أتواصل معهم بشكل منتظم بسبب ضعف التواصل وخطر التنقل بين المدن. أحاول التواصل معهم فقط في حال وقوع تفجير في المنطقة التي يتواجدون فيها.
فقدت في هذه الحرب زميلي وصديقي وأخي العزيز الصحفي عبد الكريم عودة. أدت وحشية الحرب إلى توقف عبد الكريم عن عمله لرعاية والدته المريضة. لسوء الحظ، فقدنا عبد الكريم بينما كان في طريقه لشراء الخبز أثناء قصف مفاجئ. وبعد أن كان هو من ينقل الأخبار، أصبح هو نفسه الخبر".
فقد الصحفي سيف رياض السويطي، 33 عامًا، صديقه الصحفي عبد الكريم عودة.
* * * * *

"من أكثر الأشياء المستحيلة الحصول على أربع ساعات متتالية من النوم الهادئ أو الاستمتاع بحمام ساخن.
أعمل محررة صحفية في صحيفة القدس. منذ بداية الحرب، أمضيت أيامي في الخارج لتغطية الأحداث، وغالبًا ما أعود إلى المنزل في وقت متأخر من الليل. وطوال هذه الفترة، عانيت طوال هذه الفترة من الخوف والقلق المستمرين على عائلتي، مع العلم أن القصف المستمر يشكل تهديدًا مستمرًا لحياتهم.
لقد نزحت أنا وعائلتي أكثر من ست مرات، وفي كل مرة نجونا بأعجوبة. ذات مرة، بقينا في الشارع لمدة 10 ساعات بينما كانت دبابات الاحتلال تقصف الأبراج السكنية. عشنا ليلة مرعبة حقًا حيث لم نعرف إلى أين نذهب.
الفقدان هو أحد أكبر مخاوفي. خلال الحرب، فقدت معظم أقاربي وبيتي خلال الحرب، لكن الخسارة التي أثرت فيّ أكثر من غيرها هي خسارة زميلتي وصديقتي آلاء الهمص. كانت من أطيب الناس وأكثرهم مهنية، لكنها للأسف قُتلت."
الصحفية أمل الوديع تفقد صديقتها الصحفية آلاء الهمص
* * * * *

"أصعب اللحظات هي تلك اللحظات التي أتذكر فيها الصور المروعة، وإحساسي الطاغي بالعجز أمام معاناة الناس، وعدم قدرتي على تغيير واقع الحرب القاتم.
منذ بداية الحرب وحتى يومنا هذا، لم أتمكن من لمّ شمل عائلتي أو ضمان سلامتهم بسبب انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت في قطاع غزة. أشعر بالخوف والقلق عليهم طوال الوقت لأن القصف لا يتوقف.
لقد فقدت خلال الحرب زميلتي الصحفية الشهيدة آيات خضرة التي كانت إعلامية متميزة جداً. كان حلم آيات الأكبر هو أن ترى غزة أجمل مما كانت عليه قبل الحرب، لكن الحرب جاءت الحرب ودمرت القليل من الجمال الذي كان موجودًا، ودمرت آيات وكل أحلامها".
فقدت الصحفية ملاك أبو عودة، 26 عاماً، صديقتها الصحفية آيات خضور، الصحفية آيات خضور
* * * * *

"أفكر في أطفالي طوال الوقت عندما أكون بعيدًا عنهم. ماذا لو رأيتهم في المستشفى؟ ماذا لو تركتهم دون أن أودعهم؟
في اليوم الأول من الحرب، قررت إرسال أطفالي فورًا إلى منزل جدهم. كنت أعمل على مدار الساعة، وكان كل تفكيري معهم ومع والديّ. ومع كل تصعيد وتزايد وتيرة الغارات والقصف والموت، كان خوفي يزداد مع كل تصعيد وتزايد وتيرة الغارات والقصف والموت. كما كان قلقهم على سلامتي كبيرًا، لا سيما وأن الصحفيين كانوا مستهدفين في الأيام الأولى من الصراع.
لقد فقدت الكثير من الأصدقاء والأقارب والجيران والمعارف في هذه الحرب لدرجة أنني فقدت العد. توفيت صديقتي العزيزة هالة أحمد مع زوجها وبناتها في غارة عنيفة على برج التاج البريطاني، وظلوا مدفونين تحت الأنقاض لأيام. لقد كانوا عائلة احتضنت الحياة من خلال الفن والرسم والأدب، وكلها دفنت بشكل مأساوي تحت الأنقاض.
من بين الصحفيين، أتذكر الشاب المثابر أحمد بدير، الذي كان لطيفًا وخفيف الظل ومثقفًا ومخلصًا لوالدته بشدة. قُتل في غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح".
الصحافية وسام ياسين تتذكر صديقتها هالة أحمد مع زوجها وبناتها، والصحافي أحمد بدير
* * * * *

"منذ ستة أشهر، لم أتمكن من رؤية عائلتي. آمل أن يكونوا لا يزالون بخير مع العلم أنهم يقيمون في شمال قطاع غزة دون الحصول على الطعام والماء والكهرباء.
أنا أحمد حسب الله، صحفي يبلغ من العمر 30 عامًا. قلبت الحرب حياتي رأسًا على عقب. كنت أرى والديّ بانتظام وأسمع دعواتهما لي. ولكن، خلال الحرب، اختفت كل هذه اللحظات الجميلة وكل شيء جميل في حياتنا.
لقد فقدت في هذه الحرب أغلى إنسان في حياتي كلها - بطلي الأول ومرشدي ونوري. لقد فقدت والدي، ولم أستطع توديعه. لم أره منذ ستة أشهر عندما قُتل وهو صائم. كان في طريقه لتأمين الطعام لعائلتي، ليشتري لهم الطحين، فأصابته رصاصة مباشرة في صدره. كان والدي هو الداعم الرئيسي في حياتي، وهو الذي اشترى لي كاميرا في عام 2015، مما سمح لي بممارسة مهنة الصحافة".
الصحفي أحمد حسب الله فقد والده الصحفي أحمد حسب الله
* * * * *